كتبت هذا البوست علي متن طائرة الخطوط البريطانية المتجهة الي لندن يوم ٢٣ اغسطس ٢٠١٣ .. بعد ان استطعت أن أبلغ والدتي اني تركت مصر .. اجلت نشره كثيرا وجلست اقرآه مرارا كلما اشتقت لأمي ولكن اضعه الان بعد عودة رجال امن الدولة وسؤالهم عني اضعه بعد نكسة من كنا نظنهم ليبراليين اضعه من الوجع اللي نراه واقولها بلا اي خجل بعد هربي مما تعيش فيه مصر
مش حشوفك يعني تاني ... هذه الجملة المفزعة التي تلقيتها من أمي عندما علمت بنبأ سفري المفاجئ .. فهي تزور أخي خارج مصر .. وأنا لملمت ما استطعت من ملابسي هاربا .. نعم هارب لم اعد احتمل أنا أعود لأيام ما قبل يناير .. وليست لدي الطاقة أقف انافح عن قناعتي برفض الدولة العسكرية التي انقلبت و انتقمت من ثورة ٢٥ يناير
نعم أنا هارب لم اعد هذا الصعلوك الذي يتحمل السجن وبهدلته .. هارب لأني خائف حتي أن احتملت السجن أن أموت مخنوقا أو مغدورا بي في قبر متحرك يدعي سيارة الترحيلات
أنا هارب من شماتة الناقمين علي هذه الثورة .. هارب بعد يوم واحد م إطلاق سراح مبارك بينما هو يختار مكان إقامته .. هارب بعد أيام من عودة البرادعي - الذي كان حلما - الي فينا .. هارب بعد أن فتحت السجون أبوابها من جديد للرافضين لدولة العسكر .. هارب بعد أنا رأيت بعيني عشرات قتلوا غدرا ولم يكتفوا بقتلهم بل أحرقوا جثثهم حتي باتت رمادا
هارب من الخوف والحصار والسجن والموت الذي لحق بالمئات من دوني واخشي أن يلحق بي أو بابنتي التي مثلت بسمة هذه الحياة لي
هارب يا أمي .. حتي لا أفقدك انت الأخري كما فقدت والدي الذي مات بحسرته علي ابنه الذي عرف طريق السجن والتعذيب مبكرا
هارب يا أمي خشية أن تقوليها مكررا " منك لله " عندما بات أبي جثة حية تتوق لرؤية ابنه الأكبر يرعاه في مرضه بينما هو لا يستطيع
هارب يا أصدقائي لأني لم اعد املك من الشجاعة التي تملكونها للمواجهة المباشرة لهذا النظام العسكري القاتل .. والذي ان لم يقتلكم بذخيرته .. قتلتكم ألسنة وأقلام صحفيين وإعلاميين قذرة مخنثين باعوا كل المبادئ التي كانوا يتاجرون بها من قبل
هارب لأني لا املك سلاحا حقيقا سوي الكتابة التي تقلصت مساحتها حتي باتت ١٤٠ حرفا لكنهم أيضاً تحت الرصد والتهديد والإرهاب من سلطة فاشية
هارب من صور الشهيد أسامة الدسوقي الذي كان زميل الدراسة الأساسية واستطعت أن اضمه الي هذا التنظيم الحديدي بينما تركته أنا بعد زمن عن قناعة غير نادم .. ولكن صور هذا الصديق الذي تتلخص فيه سمات الرجال لا تفارقني أبدا
هارب واخشي علي بنتي الي يصل بها حال أطفال سوريا الذين يستيقظون يتحسسون أجسادهم اهم مازالوا أحياء .. ونحن الآن أعتاب جرائم سلطة لن تقل إجراما عن شبيحة الأسد
هارب يا أمي حتي استطيع أن اراكي واقبل يديك ولكن خارج الإسكندرية بل وخارج مصر كلها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق