الثلاثاء، 10 سبتمبر 2013

شهاده ببنت عن ما حدث في رابعه منقول من الفيس بوك

إلى داخل رابعة :

صور :

صندل لولد صغير متقطع ومرمى على بعد خيمة كانت منصوبة

حمالة صدر بيضاء مرمية

جندى بيقلب فى الخيم وبيخرج سجادة

بركة دم كبير مخلوطة بمية

ظلام وأرض محروقة .. وصوت عساكر "محدش هينفع يدخل فى جتت متولع فيها جوه"


فى طريق العودة من رابعة:

ركام .. خيم مهدودة ومفيش حاجة على بعضها .. وعمود خشب باقى منصوب عليه صورة لمرسى لسه متحرقتش ..


ناس لابسة مدنى بتقلب فى بواقى الخيم .. وصوت ضابط : اللى عايز حاجة ياخدها ويروح بيها .. مروحة تليفزيون أى حاجة


جثث متكفنة عند سوبر ماركت الباشا فى طريق النصر .. ناس بدقن الناحية التانية واقفة تصلى ومسعفين قاعدين جنبها بيهرجوا !


عربية مطافئ واقفة خارج رابعة .. بلدوزرات جيش كتير وعربيات أمن مركزى


على أطراف رابعة من ناحية عباس العقاد دبابات وقوات جيش وجندى بيمشى اى حد يلاقيه واقف هناك ..

ريحة غاز مالية المكان .

نفس طويل اول لما وصلنا للعربية عشان نمشى من رابعة


كل لما اكتب .. كل حاجة بترجعلى تانى .. كأنها دلوقتى .. انا اصلا مش عايزة افتكر .. انا عايزة اعدى رابعة .. انا اصلا مش مبسوطة من نفسى ومن اللى عملته .. انا متعاملتش مع الموت بأى نوع من الجلال او المهابة ..زى ماهو مفروض .. فى رابعة.. عديت فوق بركة دم .. رفعت هدومى وانا بحاول ملمسهاش عادى عشان اوصل للناحية التانية .. ولما شفت الجثث فى رابعة على جنب "جنب سوبر ماركت الباشا" ومكنتش عارفة اصورها اول حاجة انشغلت بيها إنى اعدهم !!.. اعدهم وانا رايحة و وانا جاية عليهم .. كنت بحاول احفظ تفاصيل وبس .. عديت على ٣ قناصين من رابعة من ناحية طيبة عادى وحاولت ابان انى مش ضدهم عشان اعرف ادخل .. كلمت بتوع الداخلية كويس وهم اللى لسه قاتلين ناس بدمهم عشان اعرف ادخل ..

ولما وصلت لمسجد الإيمان اخر اليوم .. ف الاول رفضت انهم يكشفوا الجثث المحروقة .. وبعدين ابتديت اصور كله عادى .. وادور ع الجثامين المجهولة واصورها .. انا موقفتش فوق الجثث اترحم عليها واكلمها واستحضر هيبة الموت وجلاله .. انا كنت بقول للى ماسكها يضبطها كويس عشان اعرف اطلع وشه .. ولما المسجد اتزحم بالجثث وبقت جنب بعض .. كانت الوسيلة الوحيدة انى اوصل لكشف الاسماء .. إنى اعدى من فوقيهم .. او حد يتاخرهم شوية .. واخترت اعدى من فوقهم .. كان كل همى العدد والتصوير والاسماء ..بس

اول ما خرجت من المسجد كانت الجثث لسه بتيجى .. وفضلت واقفة مستنية الاسماء تيجى .. فى لحظة عدت عليا الاصوات والدنيا حواليا كلها بقت mute الدنيا بتلف .. حاجة بتقولى ان ده مش حقيقى .. روحت البيت مع بنتين بعربية ملاكى وصلونى .. اول لما دخلت كأنى افتكرت كل حاجة فجأة .. عيطت شوية .. بعدها اتشغلت بمكالمات لناس مصابة وجثث تانية .. عرفت ان محمد الباقر عايز حد يشيل معاه الجثث من رابعة ويصورها كنت هروح.. بس كلمت اسامة وخليته يروح ويشيل الجثث بإيديه "انا مش عارفة انا عملت كده فيه إزاى " وكلمت واحدة تانية صاحبتى تروح تاخد مصابة من مستشفى النزهة واخدة رصاصة ف راسها وده كان خطر جدا وورطتها للاسف بس عدى على خير .. بعدها نسيت كل حاجة مبقتش عارفة حتى اشغل الايباد .. امسك الموبايل واسيبه .. حاجة كده زى ماتكون مش فاكر هى الحاجات دى بتشتغل إزاى ..

معرفتش انام .. معرفتش احضن ابنى وانا نايمة .. كنت حاسة انى صوابعى فيها حاجة .. لازم اغسلها كل شوية .. مش عايزة المسه بيها .. كنت حاسة ان فيها الموت .. لمت نفسى وقلت انى لازم اروح تانى ادى للموت جلاله وهيبته ..

تانى يوم الصبح .. رحت قسم مصر الجديدة والنزهة وجبت اسماء المعتقلين " اللى ماتوا فى عربية ابو زعبل" قابلت اهليهم بره وكانوا واقفين يتخانقوا عشان يدخلوا الاعاشة وهم مش عايزين حد يدخل .. كلمتهم وبعدين كلمت العساكر ودخلت .. اتكلمت مع المأمور ورئيس التحقيق وعرفت اخد كشف بالاسماء وعرفت اخليهم يدخلوا اعاشة المساجين بتاعة الاهالى .. واتبسطت جدا .. تقريبا كنت بتنطط م الفرحة .. كان بيفصل بينى وبينهم بوابة الحبس وكنت سامعة اصواتهم من بره ..

خرجت مبسوطة اوى انى عرفت اجيب الكشوف لأن باقى الاقسام كانت متعنتة جدا .. صورتهم على طول وبعتهم للمحامين ولمجموعة الاعاشة .. بعدها خرجت على مسجد الإيمان .. وقفت بره المسجد شوية .. كان الموضوع اتحول لسياسة بدل من موقف انسانى واتحطت صور مرسى وده موع نفسى .. دخلت قلتلهم عايزين حاجة تانى .. قالولى لأ.. ما صدقت ومشيت .. رغم انى كنت قايلة انى هدخل .. بس كنت اجبن من انى اكرر نفس الموقف تانى

طلعت بعدها ع الدمرداش وقابلنا تعنت الامن بس قابلنا دكاترة ساعدونا وقالولنا على كل حاجة .. هم كانوا نبطشية ليلة المذبحة .. وحكوا عن اهوال .. منهم ..من الدكاترة نفسهم عرفت موضوع التقارير اللى بتطلع للجثث ان سبب الوفاة ترامادول وهبوط فى الدورة الدموية او ماس كهربائى وفى اهالى استلمت الجثث ع الاساس ده .. "كتبت شهادتى ف الموضوع ده لأطباء التحرير " ومعايا ارقام الدكاترة ..

يوم الأحد 18 أغسطس

طول الوقت .. فى اى شغل حقوقى سواء محاكمات عسكرية او اعاشة .. أوتنسيق .. علاقاتنا مع الاسماء .. شوية اسماء بتبقى مسئولة عنهم .. طول النهار والليل عينك تدور عليهم .. رايح جاى .. تلزق ف دماغك الاسماء اللى بيجى بيها اكتر من بلاغ .. او الاسماء اللى تتواصل مع اهاليهم .. او الاسماء الغريبة .. تبدأى تكونى علاقات بين الاسماء دول اخوات دول ولاد عم دول قرايب .. وده اللى حصل معايا مع اسماء قسم مصر الجديدة .. وبالذات اسم شريف صيام .. لأن اكتر من بلاغ جالنا عنه من صاحب لينا ف المجموعة .. ومن اخته .. ومن اصحاب ليه تانيين ..

اول ما عرفت خبر ابو زعبل .. اتقهرت .. كلمت منى وكانت بتعيط ف التليفون .. اول لما شفت الاسماء .. لطمت "بمعنى الكلمة" .. حسيت انى كنت اعرفهم واحد واحد .. هما مكنوش شوية اسماء بالنسبة ليا .. حسيت انى انا السبب .. ان ده بسببى .. انا اللى شايلة الموت فى صوابعى وخطواتى ..

ف لحظة قلت مش مكملة .. مش عايزة اكمل .. بس كنت عارفة انه مبقاش بمزاجى .. فى حاجات كتيرة بقت رابطانى .. مش هعرف اكمل الدنيا عادى وكأن ده كله مبيحصلش !


انا محضرتش رابعة من اول فضها بس لحد دلوقتى مش قادرة اصدق اللى شفته بعنيا للنهاردة .. او فى حاجة فى مخى لسه مش قادرة تستوعبه فلسه بتنح قدامه ..

من يوم فض رابعة اقصى وقت ممكن انامه يومى هو ساعتين .. وفى اوقات جسمى ينهار من التعب فينام كتير واصحى مصدعة لانه نوم غير مريح ..

احلامى تتراوح ما بين الجثث والاكفان اللى شفتها بدمها وبين منظر رابعة وهى سوداء و"محروقة" محروقة تماما

وكل اللى بيبقى همى فى الحلم انى الحق اعد الجثث واعيد وازيد فى عدها عشان الناس اللى بتقول محدش مات وابقى عاملة زى المكنة فى الحلم ..

من بعد يوم الايمان فضلت "ناسية" كل حاجة لساعتين مثلا .. ناسية كل حاجة عن الحياة مش عارفة روحت إزاى .. لحد لما افتكرت ان اتنين وصلونى بعربية ملاكى ..

مبقتش قادرة اختلط بالناس .. حتى اهلى وقرايبى من غير الدواير اللى عاشت نفس اللى عشته .. بقيت احس ان اللغة مختلفة .. بقت شايفة فراغ .. خواء فى كل حاجة .. لأنى مش قادرة اتحمل إنى اناقش حد فى حقيقة او بشاعة اللى حصل فى رابعة .. رد فعلى هيكون حاجة من اتنين .. يا جنون وعصبية .. يا عياط

من يومين او تلات ايام كنت اول مرة اتكلم مع حد ف الموضوع .. سواق تاكسى معدى عند مسجد الايمان وبيقول هو ده المسجد اللى كانوا عايزين يعتصموا فيه !! اخدت نفس طويل وفهمته اللى حصل بشكل هادى نوعا .. لقيته بيقول وانتى ايه رأيك ف اللى حصل وبيوصف بإستمتاع قد ايه قريبه الضابط كان ف الفض وحكى ليه إزاى فتح عليهم النار اول ما سمع ان ضابط مات .. كنت هعيط فنزلت.. لأ .. كنت هرجع فنزلت !!

اللى حصل مش بس مذبحة .. رد فعل الناس هو اللى بيدبح اكتر .. الحياة اللى مستمرة فى رابعة عادى والناس اللى رايحة جاية عندها هو اللى بيقتل .. فى ناس غريبة بقوا حوالينا .. ناس بقت حابة الدم وريحته ..

ميكفيش ابدا نقول الكل كدابين ونسكت .. فى دم على ايدينا وهدومنا واحنا ساكتين .. ريحتنا وحشة اوى .. ريحتنا مليانة بريحة الجثث

فى ناس اتقتلت بدم بارد واللى قتلوهم لسه بينا بيتمشوا عادى وسطينا وبيتكرموا على دورهم !


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق